اوكرانيا… فضائح الفساد تطيح برؤوس كبيرة
جاء في “النهار العريي”
لأوكرانيا تاريخ طويل في الفساد المستشري والحوكمة الهشة. ولكن يبدو أن الفضيحة الأخيرة في ذورة حرب يسقط فيها قتلى وجرحى يومياً، ستطيح رؤوساً كبيرة في البلاد.
وتتعلق الفضيحة بشراء وزارة الدفاع مواد غذائية بأسعار أعلى مرتين إلى ثلاث مرات من أسعارها في المتاجر.
مثلاً، يبلغ سعر البيضة الواحدة في منافذ البيع للجمهور نحو 0.19 دولار، لكن وزارة الدفاع تعاقدت على شرائها بسعر 0.46 دولار، كما تعاقدت على شراء البطاطا بأكثر من ضعفي سعرها في الأسواق.
ونفى وزير الدفاع أوليكسي ريزنيكوف وجود فساد، زاعماً بأن تسريب تقارير بهذه الاتهامات، كان تلاعباً تم توقيته خصوصاً لإفشال اجتماع رامشتاين في 20 كانون الثاني (يناير)، حيث ناقش حلفاء أوكرانيا دعمها بمزيد من الأسلحة.
وقال: “الهدف الأكثر وضوحاً يبدو أنه محاولة لتقويض الثقة في وزارة الدفاع في وقت مهم للغاية”، مؤكداً أن لا أساس واقعياً لهذه الاتهامات.
وعن السعر الذي دفعه الجيش لشراء البيض، أوضح ريزنيكوف: “في الواقع، هذا خطأ فني شائع ارتكبه المورد”، مشيراً إلى أنه “بدلاً من سعر الوحدة تم تحديد سعر 100 غرام للبيض، وهذا ما يفسر ارتفاع الأسعار ثلاثة أمثال مقارنة بأسعار التجزئة في العاصمة كييف”.
وأكد أن “تكاليف النقل بما في ذلك مخاطر النقل بالقرب من الجبهة، تسببت بارتفاع الأسعار”، موضحاً أن تكلفة الغذاء اليومي لكل جندي لا تتجاوز 3.7 دولار”.
وكانت صحيفة “ذا تايمز” البريطانية نشرت في أيار (مايو) الماضي تقريراً بعنوان “الفساد يترك قوات الاحتياط الأوكرانية بلا أسلحة أو إمدادات”، مسلّطةً الضوء على الفساد المستشري في صفوف الجيش الأوكراني.
وشبهات الفساد تصل بحسب تقارير إلى نطاق واسع في أوساط الجيش الأوكراني، ما دفع بالغرب إلى التحذير من تَحولّ أوكرانيا إلى أكبر سوق لتهريب الأسلحة، وخصوصاً أن مسؤولين عسكريين أقروا بأن بلادهم فقدت ما يقارب خمسين في المئة من الأسلحة التي وصلت إليها منذ اندلاع الحرب.
تغييرات بالمناصب العليا
وكان الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أعلن أن تغييرات بالمناصب العليا في الحكومة وفي الأقاليم ستتم في يومين.
وكان قد تعهد في السابق بمكافحة الفساد على جميع المستويات، وسط سلسلة من المزاعم بتلقي رشى وممارسات مشبوهة.
واعتقل نائب وزير البنية التحتية الأوكراني فاسيل لوزينسكي وفصل من منصبه، بعد إدانته بسرقة 400 ألف دولار مخصصة لشراء مساعدات بما في ذلك مولدات كهرباء، وفقاً لمحققي مكافحة الفساد والمدعين العامين في أوكرانيا.
ويعتقد أن لوزينسكي تواطأ بمشاركة مسؤولين محليين وإقليميين، مع مقاولين لتضخيم أسعار المولدات واستخراج عمولة، وفقاً لهيئات مكافحة الفساد في أوكرانيا.
ومن ضمن التهم والشبهات، أفادت صحيفة “ديلي ميل” البريطانية بأن مديرة العلاقات العامة للفيلق الأجنبي بأوكرانيا إيميشيه فايك، هددت بنشر بيانات قد تتسبب في انهيار القوات الأوكرانية بسبب ما تقول إنه فساد مستشر سواء داخل الجيش الأوكراني أو فيما يتعلق بعمليات التجنيد.
وحاولت قيادة الفيلق إقالة فايك عدة مرات، لكنها استطاعت المواجهة والبقاء نظرا لحساسية ما تمتلكه من معلومات.
وقالت فايك في تسجيل صوتي لها: “إذا بدأت في التحدث حول كل شيء أعرفه ورأيته، وحول مدى ضعف الأشخاص فسيحرق ذلك الجيش بالكامل”.
وقبل الحرب، كانت فضائح الفساد سمة شبه يومية في الحياة السياسية الأوكرانية.
وفي عام 2021، احتلت أوكرانيا المرتبة 122 من أصل 180 في منظمة الشفافية الدولية، مما يجعلها واحدة من أكثر بلدان العالم فساداً.
وقد جعل الاتحاد الأوروبي إجراء إصلاحات لمكافحة الفساد، أحد الشروط الرئيسية لحصول كييف على عضويته.