
يوم آخر، وحالة انتحار جديدة يتلقّاها اللبنانيون. من منطقة الأشرفية هذه المرة، وعلى مقربة من المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي، حيث أقدم المعاون أول في قوى الأمن، شربل فرح، على الانتحار برصاصة بالصدر. جلس في سيارته من نوع كيا بيكانتو وقتل نفسه، مقابل طريق العدلية، حيث ضربت القوى الأمنية طوقاً حول المكان وباشرت تحقيقاتها. انتحار أو قتل؟ لا معلومات رسمية مؤكدة حتى الساعة، إلا أنه تمّ التدول على وسائل التواصل الاجتماعي برسالة قيل إنها كانت آخر كلمات كانت تدور في رأس الضحية قبل الحادثة.
رسالة شربل فرح
كتب الضحية شربل فرح باللغة العامية، الآتي: “بدي إحكي كلمتين عالسريع، بتمنى ينفهمو صح، نحن كسلك عسكري بعدنا منقبض نفس الراتب، وقت لي كانت ربطة الخبز 1500 وتنكة البنزين 20000 ووقت لي كان أجار الفان من بعلبك عبيروت 5000 صار 40 و50 ألف. كنا نشتري بنطلون 50 ألف صار أقل شي 300000، بوقت كنا نشتري سندويش بالخدمة بي 5000 صار حقا 30000. أنينة المي صارت 5000، إزا شفرة الحلاقة كانت 500 صارت 8000، ومتحملين من سنتين. لأيمتا بدو يضل الوضع هيك؟ وأخيرا وليس آخراً، لا بخلوك تقدم تسريحك ولا بخلّوك تسافر، إزا تعطلت سيارتك هونيك المصيبة بدا تدخّل من البنك الدولي لتمشيها، هيدا من عدا البنزين إزا لقيت، وهدي اقل شي بعد كتير بتتعلق بالعيلة الكريمة ما في صفحة بتحملن بصيرو جريدي لأيمتا بعد فينا نتحمل”.
مساعدات قوى الأمن
يروى، أنه قبل أيام، شوهدت شاحنة تابعة لقوى الأمن الداخلي مركونة على مقربة من المديرية العامة، قام عناصرها بتوزيع أكياس على زملاء لهم في الخدمة. أكياس فيها مساعدات عينية وغذائية وأخرى لوجيستية في ظلّ الأزمة الخانقة التي يعاني منها العناصر أسوة بباقي اللبنانيين. فوقف العناصر بالصف، اصطفّوا في طابور آخر، عكسري هذه المرة، ونالوا المساعدات وذهب كل في حال سبيله. يمكن لهذا المشهد أن يلخّص الكثير، وبنتيجته لا يمكن سوى أن يدلّل على المأزق التي أوصلت السلطة اللبنانيين إليه. وأمام كل هذا، لا يمكن تفسير حجم القسوة والعنف الذي تتعامل فيه عناصر أمنية مع المحتجّين والمتظاهرين الذين يطالبون بأبسط الحقوق البديهية في العيش الكريم وتحميل المسؤولين مسؤولية ما يعيشه كل المواطنين من ذلّ وجوع وإحباط.
ضحايا..
شربل فرح، ضحية جديدة للانهيار الحاصل في البلد. ضحية جديدة للأزمة المالية والاقتصادية والاجتماعية. ضحية جديدة لسلطة الفشل التي تدير لبنان وأوصلته إلى هذا الواقع. شربل فرح انضمّ اليوم إلى طابور المنتحرين في لبنان، منذ بدء الأزمة نهاية عام 2019 وسرقة أموال الناس في المصارف وبدء ملامح الأزمة. قبله سقط العديدون، منهم ناجي الفليطي الذي قتل نفسه في عرسال إذ لم يجد ألف ليرة لبنانية يعطيها لابنته. منهم علي الهقّ الذي علّق ورقة كتب عليها “أنا مش كافر” وأطلق النار على نفسه في الحمرا. منهم كارلوس كيروز الذي كتب “ما تزعلوا أنا بالموت مبسوط” وأطلق النار على نفسه في منزل ذويه في النبعة.
المدن